مقهى، وأنت مع الجريدة جالس
لا، لست وحدك.
نصف كأسك فارغ والشمس تملأ نصفها الثانى..
ومن خلف الزجاج تَرى المشاة المسرعين
ولا تُرى (إحدى صفات الغيب تلك:
تَرى ولكن لاتُرى)
كم أنت حُر أيها المنسى فى المقهى!
فلا أحد يرى أثر الكمنجة فيك،
لا أحد يُحَملقّ فى حضورك أو غيابك،
أو يُدَقق فى ضبابك إن نظرت
إلى فتاةٍ وإنكسرت أمامها..
كم أنت حُر فى إدارة شأنك الشخصى
فى هذا الزحام بلا رقيب منك أو من قارئ!
فاصنع بنفسك ما تشاء، إخلع
قميصك أو حذائك إن أردت، فأنت
منسى وحُر فى خيالك، ليس لاسمك
أو لوجهك هَهُنا عَمل ضرورى..
كُن كما تَكون ..
فلا صديق ولا عدو يراقب هنا ذكرياتك..
فالتمس عذراً لمن تركتك فى المقهى
لأنك لم تلاحظ قصة الشعر الجديدة
والفراشات التى رقصت على غمازتيها،
والتمس عذراً لمن طلب إغتيالك،
ذات يوم، لا لشئ.. بل لأنك لم
تَمُتْ يوم ارتبطت بنجمة..
وكتبت أولى الأغنيات بحبرها..
مقهى، وأنت منسياً فلا أحد يُهين
مَزاجك الصافى،
ولا أحد يفكر بإغتيالك
كم أنتَ منسى وحُر فى خيالك!